Extra17
عنوان الفصل: موعد شوي مينغ الأعمى مع المرأة الساقطة. (الجزء الخامس).
شعر مو ران بأنه لم يكن يومًا بهذه الدرجة من الإحباط في حياته، حتى عندما نزل من الجبل ليعمل في الزراعة، أو قطع الحطب، أو ذبح الخنازير، أو حتى مجالسة الأطفال.
على الأقل، في ذلك الوقت، كان متخفيًا تحت اسم مستعار، يُعرف بين الناس بـ 'السيد غوو'.
والطريف في الأمر، أنه رغم استيائه من التجربة، إلا أنه لم يستطع إنكار أن القرويين أحبوا السيد غوو كثيرًا. كانوا يعتبرونه عاملًا ممتازًا؛ قوي البنية، قادرًا، يعمل من أجل المال دون تذمر، ويرحل دون مشاكل.
لكن الشيء الوحيد الذي بدا غريبًا لهم هو ولعه بالتباهي، إذ كان دائمًا ما يتفاخر بماضيه، قائلًا: 'في شبابي، كان لدي أكثر من ألف خادم.' أو 'عندما كنت صغيرًا، امتلكت كنوزًا لا تعد ولا تحصى.' وهكذا دواليك.
وفوق ذلك، كان سريع الغضب، يهدد بقطع رؤوس الناس لأتفه الأسباب، بل حتى حينما كان يحاول تهدئة الأطفال الباكين، كان يهمس بتهديدات مرعبة. ومع ذلك، كلما لمح أصحاب العمل بخصم أجره، لم يكن أمامه سوى الابتسام على مضض، ثم يحمل الطفل برفق لتهدئته، رافعًا إياه عاليًا كما لو كان يداعبه.
كان يصرّ على أسنانه ويغني بصوت منخفض ونبرة مسمومة: "نام، نام، فوق الصفصاف نام… قالت السيدة مينغ، ’كن طفلًا مطيعًا لي‘..."
وعندما يتوقف الطفل عن البكاء أخيرًا ويبتسم، كان صاحب العمل يدير ظهره غير منتبه. عندها، كان مو ران يجزّ على أسنانه ويتمتم من بين شفتيه بحقد: "انتظروا فقط! عندما يتوقف تشو وانينغ عن الاهتمام بكم، سأقلب ممتلكاتكم رأسًا على عقب! تبًا لكم جميعًا!"
لكن هذه المرة كانت مختلفة. لم يكن متخفيًا، ولم يكن يحمل اسمًا مستعارًا.
كان مو ران، تاشيان جون، بملابسه الخارجية الملطخة بقيء شوي مينغ، والتي اضطر إلى التخلص منها. لم يتبقَ عليه سوى رداء أسود بسيط متقاطع، بلا أي زخارف، مما جعله يبدو كعاملٍ فقير.
وفوق كل ذلك، كان عليه تنظيف الفوضى. فمن غيره سيفعل ذلك بينما الجميع نيام؟
بوجهٍ يملؤه الاشمئزاز، حمل مو ران شوي مينغ الثمل وأعاده إلى غرفته في النزل، ثم ألقاه بلا مبالاة على السرير، وسحب الغطاء عليه بطريقة عشوائية.
ثم تمتم ساخطًا: "هذا جزاء ثمالتك أيها الأحمق!"
رفع يده في الهواء وكأنه على وشك صفع شوي مينغ مرتين، لكن هذا الأخير لم يفعل سوى التململ وإصدار أنين متقطع. بقي مو ران واقفًا هناك للحظات، يشعر بغضبٍ قاتل، ثم خرج من الغرفة.
لكن بدل أن يعود إلى غرفته، توجه مجددًا إلى صاحب النزل واشترى بضع جرار إضافية من الخمر. بعدها، ذهب إلى الدرج وجلس وحيدًا، يسكر بصمت، يغرق همومه في الشراب.
رفع الكأس إلى شفتيه، وعيناه تراقبان غرفة تشو وانينغ من بعيد.
تعمد إحداث ضجة، متمنيًا أن يخرج تشو وانينغ من تلقاء نفسه.
لكن بعد كل الجلبة التي أحدثها، لم يكن من استجاب له سوى نزيلٍ آخر، فتح باب غرفته وصرخ غاضبًا: "هل جننت؟!"
رمقه مو ران بنظرة قاتلة وقال ببرود: "هل تبحث عن الموت؟"
لم يكن النزيل يتوقع أبدًا أن الرجل المخمور على الدرج لم يكن سوى 'الإمبراطور السماوي مو ران' نفسه! أصيب بالذعر، وابتلع ريقه بصعوبة، ثم تراجع بسرعة إلى غرفته وأغلق الباب خلفه بإحكام.
رفع مو ران عينيه إلى السماء، دحرج عينيه بضجر، ثم تمتم بتهكم: "لولا أنني أصبحت أكثر صبرًا هذه الأيام، لكنت فقدت رأسك بالفعل! أيها الفاني التافه."
واصل الشرب، وكل رشفة زادت من حزنه وشعوره بالظلم.
بحلول نهاية سكرته، كان يحدّق بمرارة إلى غرفة الضيوف في نهاية الممر التي إنطفأت أضوائها منذ وقت طويل، ولم يأتِ تشو وانينغ ليواسيه، أو حتى ليهتم إن كان قد عاد من الأساس. لقد نام بكل بساطة!
صرّ مو ران على أسنانه الخلفية بغضب. لو كان هو مو وي يو، ألم يكن تشو وانينغ سيحاول بكل وسيلة ممكنة أن يواسيه بكلمات لطيفة؟
ممتلئًا بالحنق، رفع القارورة إلى شفتيه وأفرغها دفعة واحدة.
قال شوي مينغ إنه لا فرق بينه وبين مو وي يو. تشو وانينغ ادّعى أنهما شخص واحد. حتى مو وي يو نفسه قال إنهما ليسا كيانين منفصلين، بل مجرد مراحل مختلفة لنفس الشخص.
لكنهم جميعًا مخطئون!
كان مو ران عنيدًا في رفضه لهذه الفكرة. بالطبع هما مختلفان! فقط انظر إلى تشو وانينغ! لماذا ألقى بالكيس المعطر الذي أمضى ساعات في تطريزه، مستخدمًا عبارته المفضلة من بين آلاف العبارات التي قرأها في الكتب، بينما احتفظ بذلك الخرقة المبتذلة التي صنعها ذلك المنافق؟
لقد خدعوه جميعًا بشأن ثقافته! جعلوه يظن أنه جاهل! لقد ظلمه العالم بأسره!
حتى تشو وانينغ، ذلك الوغد، لم يكن يهتم به حقًا! صحيح أنه جاء إلى المدينة بحثًا عنه، لكنه لم يقل له كلمة واحدة لمواساته، ولم يعتذر حتى عن فقدان الهدية التي أعدها له في مهرجان تشيشي. ذلك الكيس المعطر لم يكن مجرد شيء عابر، لقد استغرق وقتًا طويلًا في البحث بين الكتب لاختيار الكلمات الأكثر تأثيرًا، كلماته التي لم يكن بإمكان أي شخص آخر أن يحصل عليها!
ناكر جميل!
واصل الشرب حتى بدأ عقله يتشوش قليلًا، وأسند جسده على الدرابزين، وملامحه تعكس بوضوح أنه غير سعيد.
وفي وسط سكرته، خُيّل إليه أنه سمع صوت باب يُفتح على مهل في مكان ما، وخطوات تقترب منه، قبل أن تتوقف بجانبه مباشرة.
رفع مو ران رأسه، ومن خلال ضباب الضوء المتراقص من المصباح، رأى ذلك الوجه الذي كرهه نصف حياته، واشتاق إليه لعقد كامل، وتاق إليه لحياتين؛ ذلك الوجه النقي والوسيم، وجه تشو وانينغ.
توقف للحظة، ثم تمتم بصوت خافت مخاطبًا القادم: “تشو وانينغ…”
مجرد نطق اسمه جعل قلبه يغرق في شعور رطب، كأن الحنين قد تسلل إلى أعمق زواياه. سواء كان تحت سيطرة زهرة الثمانية الآثام أم لا، فإن رغبته في تشو وانينغ كانت الأكثر عمقًا وحِدّة. كأن قلبه كان غارقًا في الاشتياق، لكن الأمر لم يكن مجرد شوق فحسب، كانت هناك أيضًا ضغينة، وحنان، وحزن، ومودة. أليس هو من يحبه؟ في الحقيقة، مشاعره تجاه تشو وانينغ لم تكن أقل من مشاعر شخصيته الأخرى.
لكن ما الذي كان بإمكانه فعله؟ لقد كان دمية طيلة عقد من الزمن، ثم تحول إلى جثة حية. زهرة الآثام الثمانية استنزفت منه الحياة، جعلته كتنين محبوس في الظلام لفترة طويلة، اعتاد الوحدة والوحشية. وعندما احتضنته شمس العالم البشري من جديد، شعر بالخوف.
ذلك التنين المتوحش لم يكن يعرف كيف يعبر سوى بالزئير، يكشف مخالبه المغطاة بالندوب، متظاهرًا بأنه لا يكترث بأحد.
لكن الحقيقة أنه كان يحسد نفسه المتجسدة.
رغم كل الأدلة التي وُضعت أمامه، رغم أن الجميع أخبروه بأن مو وي يو هو نفسه، وأنهما شخص واحد، رفض الاعتراف بذلك. تحدى العالم بأسره بعناده القاتل.
وقال: 'لا، لستُ ذلك الشخص.'
لكنه كان يكذب.
لقد حلم بالعودة إلى قاعة ووشان مرات لا تُحصى. في تلك الأحلام، كان يبدأ من جديد، كانت النيران تلتهم العالم، وكان هو هناك، بجانبه. لكن عندما يستيقظ، يختفي كل شيء.
كان يرقد على سريرٍ شاسع، محاطًا بستائر عائمة، يمقت استيقاظه، يلعن الإله تشو لأنه لم يعده إلى حلمه الجميل، ويلوم تشوانغ تسي لأنه لم يحقق وهم الفراشة خاصته.
في كل مرة يصرخ، “أنا لست مو وي يو!”، كان في داخله يتمنى أن يواسيه أحد، بل كان يتخيل جمع آلاف الجواري ليهتفن مئات المرات يوميًا، “أنت مو وي يو، لا انفصال بينكما”. عندها فقط، ربما كان سيشعر بالطمأنينة.
“لماذا شربتَ كل هذا؟”
في مجال رؤيته، كان تشو وانينغ يعقد حاجبيه، يحاول مساعدته على النهوض، لكنه لم يحصل إلا على مفاجأة غير متوقعة؛ سُحب للأسفل بقوة!
“مو ران، ماذا تفعل… همف—!”
بكل ما أوتي من قوة، احتضنه مو ران بشدة، ينهل شفتيه بشغف، متملكًا إياه كما لو كان يحاول ابتلاعه. كان تقبيله غير مقيّد، متوحشًا، لكنه فجأة بدا وكأنه تذكر شيئًا، فتعمّد أن يلين، محاولًا تقليد شخص آخر.
وسط عبق الخمر، وتحت وطأة كآبته، همس بخفوت: “يمكنني فعل هذا أيضًا… الأمر ليس صعبًا.”
لم يفهم تشو وانينغ ما كان يقصده مو ران، لكنه تيبّس على الفور. الممر كان مكشوفًا للغاية، بلا أي ساتر، مما جعله يخشى أن يخرج أحد من غرفته ويرى هذا المشهد. حاول التحرر، لكن مو ران ضغطه أكثر على الدرابزين الخشبي، يعمّق القبلة بجموح. ومع جرأته المعتادة، لم يكن من المستحيل أن يكمل ما بدأه هنا في منتصف الدرج.
ولكن عندما اشتدّ رفض تشو وانينغ، أنهى مو ران القبلة بشكل غير متوقع، عيناه الأرجوانيتان الداكنتان متدليتان قليلًا، متسمّرتان على شفتي تشو وانينغ الرطبتين. اقترب مجددًا، وطبع قبلة خفيفة، أشبه بكلب مخلص يبحث عن رضا صاحبه، ثم فعلها مرة أخرى بعد لحظة.
تشو وانينغ: “…”
بعد أن قبّله للمرة الثالثة، توقّف أخيرًا، رغم أن الرغبة المشبعة بالضياع كانت لا تزال واضحة في عينيه. ضمّ تشو وانينغ إلى صدره، كابحًا مشاعره.
تنهد بعمق: “أخبرني، هل أنا أحلم مجددًا…؟”
ذلك الرجل الذي كان دائمًا متعجرفًا وعصيّ الترويض، بدا الآن ناعمًا بشكل غير مألوف، يهمس بصوته الأجش قرب كتف تشو وانينغ. عند سماع كلماته، بدأ تشو وانينغ يفهم.
في هذا العالم، بغض النظر عن أي جزء من روح مو ران كان يقف أمامه، لم يكن هناك من يعرفه أكثر من تشو وانينغ.
رفع تشو وانينغ يده، ومسح على كتفي مو ران، كما كان يفعل معه عندما كان صغيرًا. ربت عليه بلطف وقال: “هذا ليس حلمًا. هيا، لنعد إلى الغرفة.”
لكن مو ران، رغم ترنحه، كان عنيدًا. تمتم بغير وضوح: “لن أنام. لن أعود.”
زفر تشو وانينغ بضيق: “إذًا ماذا تنوي أن تفعل الآن؟”
حين كان مو ران غير سعيد، كان يفتعل ضجة كالطفل المدلل. زمجر بنبرة متظلمة: “أطفأت الأنوار ولم تأتِ للبحث عني. أنت تفعل هذا عمدًا لاستفزازي…”
ورغم كونه الإمبراطور السابق للعالم البشري، فإن الطريقة التي كان يتدلل بها وهو يدفن وجهه في عنق تشو وانينغ جعلت الأخير يشعر، ولسبب مجهول، وكأنه محظية جميلة تتوسل للفت انتباه الإمبراطور.
كاد أن يتجمد من الصدمة عند هذه الفكرة الغريبة التي خطرت له، لكنه سرعان ما استعاد رباطة جأشه وقال: “أليس هذا شيئًا تعلمته منك؟ كنت تقول دائمًا إن من لا يجرؤ على الدخول تحت الضوء، يتسلل في الظلام. لقد كنت فقط أراعي كرامتك.”
”يا للسخرية. من يحتاج إلى مراعاتك؟” حتى وهو شبه نائم، ظل متغطرسًا. “أنا قادر على تدمير السماء والأرض، لا يوجد شيء لا أجرؤ على فعله…”
لكن صوته بدأ يخفت تدريجيًا.
“تشو وانينغ…”
“هم؟”
“وانينغ…”
”…”
وفي النهاية، تحول صوته إلى همسة ناعمة، لا تختلف عن تلك الأيام البعيدة: “شيزون…”
صمت تشو وانينغ للحظة، ثم رفع يده ومسح على شعره.
“هم.”
“هل ستكون هنا عندما أستيقظ غدًا؟”
أغمض تشو وانينغ عينيه وردّد الجملة التي قالها مرارًا خلال العامين الماضيين من عزلته: “نم، أنا دائمًا هنا.”
أخيرًا، هدأ مو ران، وبعد فترة، بدأ تنفسه المنتظم يتردد في الغرفة. تبيّن أن الإمبراطور المخمور قد وجد أخيرًا سكينته، ونام بسلام.
دعمه تشو وانينغ، بدقة وحذر، وساعده على العودة إلى الغرفة. والآن، الشخص الذي استلقى على السرير، بملامحه الهادئة والخالية من العداء، لم يكن مختلفًا عن الفتى الصغير الذي رفع مظلته الورقية لينقذ اليرقات قبل سنوات طويلة.
ذبلت زهرة الغو، ولن تعود الكوابيس أبدًا.
ومع ذلك، “لماذا تجرؤ على رمي الكيس الحريري الخاص بي؟!”
ركل مو ران الأغطية فجأة وهو يصرخ في نومه. “أنا مُصرّ على حضور موعد تعارف! يجب أن أفوز… أفوز… بالجائزة الكبرى من قصر تاوباو… والتي تحتوي على خمسمائة نسخة من…”
لحسن الحظ، تحوّلت بقية جملته إلى تمتمات غير مفهومة، مما حال دون سماع تشو وانينغ لنهايتها.
لكن حتى وإن لم يكن يعلم أن السبب الحقيقي وراء حضوره للموعد الأعمى كان من أجل تلك الكتب المثيرة، فقد وجد نفسه مع ذلك يفرك جبهته بإحباط بسبب هذا الرجل الذي استمر في الثرثرة أثناء نومه.
لم يكن ليعترف أبدًا أن شوي مينغ كان سبب فقدانه للكيس المطرز الذي منحه إياه مو ران كان لأن مو ران قد تطفّل بشكل سافر وطرّز عليه مقطعًا جريئًا من رواية رومانسية شهيرة تُعرف باسم 'اللمسات الثمانية عشر'.
وفوق ذلك، لن يخبر مو ران أبدًا أن ذلك الكيس الحريري، الذي بدا سخيفًا بطريقة لا يمكن أن تكون إلا مو ران، لم يُرمَ في الواقع، بل كان محفوظًا في صندوق خشبي لا يستطيع فتحه أحد سوى تشو وانينغ.
تمامًا كما فعل مع كل شيء آخر منحه إياه في الماضي.
صباح اليوم التالي
استيقظ شوي مينغ في وقت مبكر.
كان من النادر أن يكون تحت سقف واحد مع شيزون، لذلك قرر أن يخرج ليشتري له بعض أطباق الإفطار المفضلة لديه كلفتة برّ واحترام. لكنه عندما نزل إلى الطابق الأرضي، وجد أن الطاولة بجانب النافذة كانت قد امتلأت بالفعل بوجبة فطور فاخرة، وكان مو ران يضع الأطباق وأدوات الطعام عليها.
رفع مو ران رأسه ورآه ينزل، ثم ابتسم قائلاً: “استيقظت مبكرًا اليوم؟”
”…”
رغم أن شوي مينغ كان يعلم بالفعل عن دورة تبدل شخصيات مو ران كل ثلاثة أيام، فإن رؤيتها تحدث أمامه مباشرةً كان أمرًا غريبًا للغاية. بقي واقفًا مكانه للحظة، متصلبًا بعض الشيء، قبل أن يردّ بغمغمة غير واضحة: “هممم.”
“أحرجتك البارحة، أليس كذلك؟ أحيانًا أكون هكذا.”
حك شوي مينغ رأسه وقال بعدم ارتياح: “انسَ الأمر، لطالما كنت أضحك عليك.”
ثم سار إلى الطاولة وألقى نظرة فاحصة على الأطباق، قبل أن يسأل بشك: “هل استعرت المطبخ من صاحب النزل؟”
“نعم.” قال مو وي يو بابتسامة، وهو يضع طبقًا من الكعك المقلي أمامه. “لا تزال العصيدة تنضج على الموقد، ستصبح جاهزة قريبًا. هل يمكنك مساعدتي في حمل ثلاث أوعية؟”
“حسنًا.”
تبع شوي مينغ مو ران إلى المطبخ الصغير.
عندما رُفع الغطاء، تصاعد البخار العَطِر من العصيدة الساخنة، كاشفًا عن شرائح الروبيان والأسماك الطازجة.
بمهارة، ملأ مو ران ثلاث أوعية، بينما بدأ شوي مينغ في البحث عن التوابل.
كانت البيضات المسلوقة الطرية مقطعة إلى نصفين، موضوعة فوق العصيدة الساخنة، مغطاة ببذور السمسم الأبيض، والبصل الأخضر المفروم، وبصل مقلي مقرمش، ومُتبّلة بزيت السمسم العطِر؛ وجبة تفتح الشهية بكل تفاصيلها.
لم يستطع شوي مينغ كبح فضوله وسأل بتردد: “هل… هاه، البارحة، كان يعرف كيف يصنع هذا أيضًا؟” (يقصد نسخة موران الثانية)
“نعم، وكان بنفس مهارتي الآن.” قال مو ران، مبتسمًا. “لكن مشكلته أنه كان يعشق افتعال المشكلات. في الواقع، العديد من هذه الوصفات خطرت بباله عندما كان مسيطرًا، لكنه لم يكن ليطبخها أبدًا. كان يترك الأمر لي.”
“هكذا إذًا…” تمتم شوي مينغ لنفسه. ثم سأل فجأة: “إذًا لماذا رمى شيزون الكيس المطرز الخاص به لكنه احتفظ بكيسك؟”
توقف مو ران عن تقطيع البيض المسلوق لبرهة، ثم استدار إلى شوي مينغ بابتسامة غامضة: “لأننا شخص واحد، وهذا يجعلني أشعر بالإحراج. لذلك، لا أتحدث عن ذلك.”
اتسعت عينا شوي مينغ. “هل تقول لي إنك فجأة أصبحت خجولًا بعد كل التصرفات المخزية التي فعلتها أمامي؟ لماذا لم تشعر بالإحراج عندما ناديتني بذلك اللقب السخيف البارحة؟ بالمناسبة، لا يزال لدينا حساب غير مُصفّى!"
لكن مو ران، كعادته، تهرّب من الموضوع بسهولة مذهلة: “أوه، لنقل إننا شخصان مختلفان إذًا. يمكنك تسوية حسابك مع مو ران الآخر عندما يعود. كن فتى جيدًا.”
شوي مينغ: “؟!"
وبينما كان ينتهي من ترتيب آخر وعاء عصيدة على الطاولة، بدا أن مو ران قد تذكّر شيئًا مهمًا فجأة. نظر إلى شوي مينغ بجدية غامضة، وقال له بلهجة حازمة: “هناك شيء آخر يجب أن أخبرك به.”
تفاجأ شوي مينغ من التغيير المفاجئ في نبرة مو ران، وشعر بضغط غامض يخنقه. “م-ماذا هناك؟”
قال مو ران: “بصراحة، لا أعرف ما الذي تفكر فيه، أو ما يجري بينكما. لكن فجأة… حسنًا، إنه أمر شخصي، ولا ينبغي لي أن أتدخل. لكن بعد التفكير، بما أنني أكبر منك، فأنا أرى أن من واجبي أن أقدم لك بعض النصائح.”
شوي مينغ: “هاه؟”
مو ران: "شوي مينغ، لا بأس بأن تستكشف العلاقات العاطفية، لكن عليك أن تفهم أن الطرف الآخر أكبر منك سنًا، وأكثر خبرة، ويشغل منصبًا أعلى منك. لن يكون من السهل عليك التعامل معه. أنت حاد الطبع، لذا حاول التحلي بالمزيد من الصبر والتفهّم. سأحفظ سرك، لكن إن واجهت أي شكوك أو صعوبات في غياب شيزون، يمكنك المجيء إليّ في جبل نانشان.”
ربّت على كتف شوي مينغ بحنان أخوي. “لا تفعل مثلي وتدخل في علاقة فقط لاستفزاز الآخرين.”
شوي مينغ: ”كيف تجرؤ على قول هذا؟!”
توقف شوي مينغ للحظة، ثم هزّ رأسه مرارًا: “لا، لا، ماذا تقول بحق الجحيم؟”
نظر إليه مو ران نظرة دافئة مليئة بالتسامح، وقال وكأنه شقيقه الأكبر: “لا بأس، أفهم وضعك. في النهاية، سواء كان شيزون أو الزعيم جيانغ، فكلاهما من النخبة، معتادون على الكِبرياء. لذا، بما أنك الأصغر، إن نشب خلاف، فمن الأفضل أن تكون أول من يعتذر. العائلة المتناغمة تجلب الحظ السعيد.”
تحوّل وجه شوي مينغ إلى لون شاحب فورًا: “أنت… أنت تعرف؟ كيف اكتشفت ذلك؟ ل-لم… لم أفعل… أنا لست…”
“اكتشفت ذلك البارحة، ولهذا السبب باركت لك.”
شهق شوي مينغ بدهشة: “هل كان الأمر واضحًا إلى هذه الدرجة؟”
ابتسم مو ران وربّت على كتفه: “هممم… نوعًا ما. لكن يمكنك المحاولة في كبح مشاعرك أكثر قليلًا.”
كان شوي مينغ مدمرًا بالكامل.
لقد ظن أنه كان متحفظًا بما فيه الكفاية… كيف بحق الجحيم تمكّن مو ران من استنتاج أنه ابن جيانغ شي؟!!
تعليقات: (0) إضافة تعليق